محب الشهادة
عدد المساهمات : 189 تاريخ التسجيل : 12/02/2009
| موضوع: لنتعاون مهما ........اختلفنا. السبت ديسمبر 05, 2009 1:22 pm | |
| نتعاون فيما اتفقنا عليه الاختلاف سنة كونية وطبيعة بشرية، ولا يمكن جمع الناس على كلمة واحدة أو رأي واحد؛ لذا يقول الله تعالى: ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين (118) إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين (119)(هود). وقد اختلف العلماء قديماً وحديثاً في كثير من الأمور، بل واختلف الصحابة رضوان الله عليهم في كثير من المسائل. فمثلاً: اختلف العلماء في أيهما أفضل المشي خلف الجنازة أم المشي أمامها، فكان أبو بكر وعمر يمشيان أمامها، وكان علي يمشي خلفها، فقيل لعليّ: إنهما يمشيان أمامها، فقال عليّ: إنهما يعلمان أن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها، كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته فذاً، ولكنهما سهلان يسهلان للناس.(رواه البيهقي وابن أبي شيبة، قال الحافظ: وسنده حسن). ولكن رغم الاختلاف فإن نقاط الالتقاء كثيرة بين البشر، ولذا يحسن التركيز عليها لتوفر لنا جواً من التعاون، ثم بعد ذلك ينبغي أن يعذر بعضنا بعضاً في الأمور المختلف عليها ما دمنا قد سلمنا بأن الاختلاف سنة بشرية. ومن الأمور التي يحسن القيام بها أن نبدأ لقاءاتنا وأحاديثنا مع الآخرين في المسائل المتفق عليها، ولا نبادرهم في الأمور المختلف فيها فتكون النتيجة الفرقة والشقاء والنزاع. كما أن من الذكاء والفطنة أن نحذر من تعريض الآخرين للإجابة بكلمة "لا"، بل ينبغي الحرص على توجيه الآخرين ودفعهم للإجابة بكلمة "نعم"، كأن تسألهم أسئلة فيها شبه اتفاق أو اتفاق كامل يكون جوابها "نعم". إن الاختلاف أمر طبيعي في حياة البشر، ولكن الأمر المذموم هو أن يتحول هذا الاختلاف إلى نزاع وصراع وفرقة وشتات، وصدق الله تعالى إذ يقول: وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين 46(الأنفال). ويقول الله تعالى: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون 159(الأنعام). روى الإمام أبو داود عن أبي ثعلبة } قال: كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرقوا في الشعاب والأودية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن تفرقكم هذا من الشيطان"، فلم ينزلوا بعد إلا انضم بعضهم إلى بعض، حتى يقال: لو بسط عليهم ثوب لعمَّهم. ويقول الأستاذ حسن البنا يرحمه الله تعالى: "إني لا أخشى عليكم الدنيا مجتمعة ولكن أخشى عليكم أمرين اثنين: أن تنسوا الله فيكلكم إلى أنفسكم، أو تنسوا أخوّتكم فيصبح بأسكم بينكم شديداً". لقد أظهر لنا التاريخ أنه ما افترقت واختلفت هذه الأمة إلا ضعفت ودمرت وديست بأقدام اليهود والنصارى، وما توحدت إلا هابها القريب والبعيد. ويقول الشاعر: تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت آحادا ومن الأمور التي ينبغي أن يدركها من يود كسب مودة الآخرين والتأثير فيهم أن الاختلاف نوعان: اختلاف تنوع، واختلاف تضاد، ولا شك أن معظم الاختلاف، لاسيما الذي يقع بين المسلمين، هو اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، فمثلاً، بعض الناس تهوى نفوسهم بناء المساجد ومراكز الأيتام والفقراء، وآخرون تميل قلوبهم إلى الخطابة والوعظ، وصنف ثالث يعتقدون أن الخير في الإنفاق والتبرع، وفريق رابع تتوق أفئدتهم إلى الجهاد في سبيل الله،..إلخ. إن الاختلاف بين هؤلاء هو في الحقيقة اختلاف تنوع، إذ إن جميع هذه الأعمال صالحة يحبها الله ورسوله، بل إنها فروض كفاية يجب أن يقوم بها بعض المسلمين ليسقط الإثم عن الباقين. إن الأستاذ حسن البنا يرحمه الله نقل لنا عبارة يحسن أن تكتب بماء الذهب، إذ إنها قاعدة رئيسة في تعامل المسلمين مع بعضهم بعضاً، تقول هذه العبارة: "نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه". لو فقه المسلمون هذه القاعدة لتحسنت علاقاتهم ولازداد تآلفهم، لاسيما إذا صاحب هذه القاعدة فهما لقواعد أخرى والتي منها: أن الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، وأن التعاون لا يعني التنازل عن شيء من ثوابت الدين أو المبادئ، وأنه لا إنكار على مجتهد أو مختلف فيه. | |
|