نوه القرآن الكريم والسنة الشريفة بفضل ليلة القدر، وأنزل الله فيها سورة كاملة، لعظم منزلتها، فالطاعة والعبادة فيها خير من العبادة فى ألف شهر، وتحتفل الكثير من الدول ليلة السابع والعشرين بها.
بل إن عددا من المسلمين يتحراها فى تلك الليلة فقط، فمتى ليلة القدر؟ وهل تحديدها يختلف بتغير الأماكن، وتختلف باختلاف عدد أيام شهر رمضان سواء كان 29 يوما أو 30؟.
العلامة الدكتور يوسف القرضاوى رئيس اتحاد علماء المسلمين يقول: إن النبى (صلى الله عليه وسلم) حذر من الغفلة عن هذه الليلة وإهمال إحيائها، فيحرم المسلم من خيرها وثوابها، فقال لأصحابه، «إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَها فقد حُرِم الخيرَ كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم.
وليلة القدر يقينا فى شهر رمضان لأنها الليلة التى أنزل فيها القرآن، وهو أنزل فى رمضان، لقوله تعالى «شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان»، والواضح من جملة الأحاديث الواردة أنها فى العشر الأواخر، فعن أبى سعيد أن النبى صلى الله عليه وسلم، خرج إلى الصحابة صبيحة عشرين فخطبهم، وقال: «إنى أريت ليلة القدر ثم أنسيتها ــ أو نسيتها ــ فالتمسوها فى العشر الأواخر، فى الوتر».
والمراد بالوتر فى الحديث: الليالى الوترية، أى الفردية، مثل ليالى: 21، 23، 25، 27، 29.
ويضيف القرضاوى «إذا كان دخول رمضان يختلف ــ كما نشاهد اليوم ــ من بلد لآخر، فالليالى الوترية فى بعض الأقطار، تكون زوجية فى أقطار أُخرى، فالاحتياط التماس ليلة القدر فى جميع ليالى العشر، ويتأكد التماسها وطلبها فى الليالى السبع الأخيرة من رمضان، فعن ابن عمر: أن رجالا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر فى المنام، فى السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرى رؤياكم قد تواطأت (أى توافقت) فى السبع الأواخر، فمن كان متحريها، فليتحرها فى السبع الأواخر، والسبع الأواخر تبدأ من ليلة 23 إن كان الشهر 29 ومن ليلة 24 إن كان الشهر 30 يوما.
ولاخفاء ليلة القدر حكمة بالغة ــ كما يقول القرضاوى ــ، فلو تيقنا أى ليلة هى لتراخت العزائم طوال رمضان، واكتفت بإحياء تلك الليلة، فكان إخفاؤها حافزا للعمل فى الشهر كله، ومضاعفته فى العشر الأواخر منه، وفى هذا خير كثير للفرد وللجماعة.
وهذا كما أخفى الله تعالى عنا ساعة الإجابة فى يوم الجمعة، لندعوه فى اليوم كله، وأخفى اسمه الأعظم الذى إذا دعى به أجاب، لندعوه بأسمائه الحسنى جميعا، وورد لليلة القدر علامات، أكثرها لا يظهر إلا بعد أن تمضى، مثل: أن تظهر الشمس صبيحتها لا شعاع لها، أو حمراء ضعيفة.. إلخ.
ومثل أنها ليلة مطر وريح، أو أنها، لا حارة ولا باردة، مما ذكره بعض الفقهاء
وكل هذه العلامات لا تعطى يقينا بها، لأن ليلة القدر فى بلاد مختلفة فى مناخها، وفى فصول مختلفة أيضا، وقد يوجد فى بلاد المسلمين بلد لا ينقطع عنه المطر، وتختلف البلاد فى الحرارة والبرودة، وظهور الشمس وغيابها، وقوة شعاعها، وضعفه، فهيهات أن تتفق العلامات فى كل أقطار الدنيا.
وليلة القدر ليلة عامة لجميع من يطلبها، ويبتغى خيرها وأجرها، وما عند الله فيها، وهى ليلة عبادة وطاعة، وصلاة، وتلاوة، وذكر ودعاء وصدقة وصلة وعمل للصالحات، وفعل للخيرات.
وأدنى ما ينبغى للمسلم أن يحرص عليه فى تلك الليلة: أن يصلى العشاء فى جماعة، والصبح فى جماعة، فهما بمثابة قيام الليل، ففى الصحيح عنه (صلى الله عليه وسلم) «من صلى العشاء فى جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح فى جماعة، فكأنما صلى الليل كله».
منقول/توقيع/اسماعيل جواد