وصية أقدمها إلى كل من تتجلى فيه الفضيلة

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين صلاة دائمة إلى يوم القيامة والدين،
وبعد،،،
فهذه وصية أقدمها إلى كل من تتجلى فيه الفضيلة من أبناء هذه الطائفة الكريمة، راجياً من الله العلي القدير أن يوفقهم بالعمل بما فيها ويأخذ بيمينهم في جميع أعمالهم التي ترضي الله، إنه سميع مجيب.
إعلم أيها الأخ الكريم، إن تقوى الله هي خير الزاد ليوم الميعاد، فتزود من التقوى ما استطعت عملاً بقوله تعالى : ( و تزودوا فإن خير الزاد التقوى ).
ولفظة التقوى بمعناها اللغوي هي المخافة من الله، فإذا أحلت هذه المخافة بقلب عبدٍ من عباد الله، ساقته إلى كل خير وردعته عن كل شر.
فالعبد الذي يخاف الله، يجتنب جميع المحرمات كبيرةً كانت أو صغيرة، ولايقدم على عمل يغضب الله، فصاحب التقوى كريم عند الله وعندعباده المكرمين قال سبحانه وتعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) واعلم بأن الصلاة هي الحد الأكبر من الحدود الخمسة التي فرضها الله على عباده، قال مولانا أمير المؤمنين ((علــــي : تعاهدوا أمر الصلاة و حافظوا عليها و تقربوا بها فإنها كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً )). ألا تسمعون إلى جواب أهل جهنم حينما سئلوا ما سلككم في سقر ؟ قالوا : لم نكن من المصلين.
أما القراءة فأوصيك أن تقبل عليها بكل ما عندك من وسع وإمكان، فإنها تزيد الفكر نشاطاً والعقل ضياءً فأنفع صديق في الحياة هو الكتاب وأفضل الكتب وأجلها قدراً هو القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأفضل وقت لقراءة القرآن هو وقت الفجر قال سبحانه وتعالى : ( إن قرآن الفجر كا مشهودا ) . ومن يجتهد بالقرآن ليلاً يرفع الله مقامه في الدنيا والآخرة قال تعالى : ( و من الليل فتهجد به نافلةُ لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا ) .
واعلم بأننا نعيش في زمان ظهر فيه الفساد في البر والبحر،فلا تعدل عن طريق الحق ولا تتبع طريق الباطل مهما كثرت رجاله فقد حمد الله الأقلين عدداً وذم الأكثرين في مواضيع كثيرة من كتابه الكريم، لأن المعرفة الالهية والهداية الربانية ليس من شأنها أن توجد مع الأكثرين، بل هي غالباً توجد مع الأقلين في كل وقت وكل حين
قال سبحانه وتعالى : ( ولا ان سألتهم من خلق السموات و الأرض ليقولون الله قل الحمدلله بل أكثرهم لايعلمون ) . وإلى هؤلاء الأكثرين الذين نسبهم الله إلى الجهل مع قولهم الحق ... قال الشاعر ...
وكلٌ قائلٌ الله ربي
وإن تسألهم لا يعرفوه
الحذر ثم الحذر من الشرك بالله فإنه من أعظم الذنوب وأثقل الأوزار لقوله تعالى : ( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ).
وقد حذر الله عباده من الشرك في مواضيع أخرى من كتابه فقال جل من قائل : ( إن الله لايغفر أن يشرك به و يغفر مادون ذلك ) . واعلم بأنه يجب على المؤمن أنا يكون متفقهاً بالدين واقفاً على معالم الحلال والحرام المحكم والمتشابه، قال مولانا أمير المؤمنين : ( لو رأيت شاباً من شيعتي لم يتفقه بدينه لعلوت رأسه بسيفي هذا ) .
ولا تهمل قراءة التاريخ واعلم أن من قراءة تاريخ الأمم الماضية والقرون الخالية فكأنه أضاف أعماراً إلى عمره ولا شك أنه يرا زياداً في عقله.
واستعن على قضاء حاجتك بالكتمان فمن كتم سره كان الخيار في يده، ولا تجادل الجاهل المغرور ولا تكثر الكلام معه ولا تخاصم أحد من الناس جاهلاً كان أو عاقل ، واعلم بأنه من العسير أن تقنع إنسان بالجدل قال سبحانه : ( و كان الإنسان أكثر شيء جدلا ) فلفظه تبعد الإنسان العاقل عن الرجوع إلى الصواب فما ظنك بالجاهل الذي لا يفرق بين الحق والباطل والخير والشر قال جل جلاله مخاطباً نبيه : ( لو كنت فظاً غليظ القلب لنفضوا من حولك ) .
واعلم بأن من أكبر الواجبات عليك بعد الفرائض الدينية محافظتك على لغتك العربية التي درج عليها آباؤك وأجدادك لأن الذي يتكلم اللغة العربية يفهم معالم دينه وما دام الإنسان يفهم معالم دينه فلا ينفصل عنها في وقت من الأوقات .
وإذا أردت أن يكون لك من أقرانك أصدقاء فلا يكن صديقك كذاب ولا نمام فلا فاسق ولا سارق ولا حسود ولا أحمق ولا رذيل ولا سفيه وإذا صاحبت صاحباً شريفاً كريم ولا تصاحب لئيماً ذميم الخصال فصحبة الكرام تختم بنيل الشرف والفضيلة وصحبة اللئام تختم بالفضيحة والرذيلة.
واعلم بأنه يوجد صنف من الناس يظهرون المودة وهم عنها بعيدون، ويتظاهرون بالإخلاص وهم منه بريئون فربما أشاروا عليك بأجل منافعهم الخاصة كما قلنا بوصفهم بما سبق لنا من القول شعراً
ورب وفاء في الأنام لغاية
ورب وداد فيه قصد ومطلب
وإذا حكمت بين الناس فاحكم بالعدل ولا تتبع الهوى وتجنب الظلم واحذر عواقبه فإنه يخرب الديار، قال تعالى بوصف الظلمين : ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) .

ولا تصغي إلى حديث النمام ولا الكذاب لأن الله سبحانه ينهانا عن ذلك فيقول : ( يا أيها اللذين آمنوا إن جائكم فاسقٌ بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على مافعلتم نادمين ) .

وإذا أنعم الله عليك بنعمة فقابلها بالشكر فإنه سياج النعم وانفق منها في سبيل الله عملاً بقوله تعالى : ( و انفقوا مما رزقناكم ) .

وإذا أقبلت الدنيا عليك فلا تغرك وتذكر قول الله تعالى : ( فلا تغرنكم حياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) .

ومع كل هذه الأوامر فاعلم بأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها وتجنب البغي واعلم بأن الباغي إنما يبغي على نفسه قال سبحانه : ( يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم ).

واعلم بأن آداء الأمانة من الدين قال تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإن حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) .

وقد أمر الله ببر الوالدين فقال جل جلاله : ( و قضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحساناً ) .

وقال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم : ( أكبر الكبائر الإشراك بالله و عقوق الوالدين ) .

واستعن على أمور دينك ودنياك بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين، وإذا أنفقت شيئا من مالك في سبيل الله أو قضيت حاجة لأحد من إخوانك فلا تبطل ثوابك بالمن قال جل من قائل : ( ولا تبطلوا صدقاتكم بالمنِّ و الأذى

وتجنب المحرمات، واعلم أن من كبائرها الربا والزنى والميسر والكذب وقتل النفس بغير الحق والفساد والنميمة والغيبة .
نسأله تعالى أن يعافينا وإياكم من هذه الخصال والحمدالله على كل حال ...
بســـــــــــم الـــلــــه الـــرحمن الـــــرحيم : ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهّاب ). صدق الله العليّ العظيم

جزاك الله خيرا